سورة يونس - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


قوله عز وجل: {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً} فيه وجهان:
أحدهما: ذاهباً.
الثاني: يابساً. {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِألأَمْسِ} فيه أربعه تأويلات:
أحدها: كأن لم تعمر بالأمس، قاله الكلبي.
الثاني: كأنه لم تعش بالأمس، قاله قتادة، ومنه قول لبيد:
وغنيت سبتاً بعد مجرى داحس *** لو كان للنفس اللجوج خلود
الثالث: كأن لم تقم بالأمس، ومن قولهم غنى فلان بالمكان إذا أقام فيه، قاله عليّ بن عيسى.
الرابع: كأن لم تنعم بالأمس، قاله قتادة أيضاً.
قوله عز وجل: {وَاللَّهَ يَدُعُواْ إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} يعني الجنة. وفي تسميتها دار السلام وجهان:
أحدهما: لأن السلام هو الله، والجنة داره.
الثاني: لأنها دار السلامة من كل آفة، قاله الزجاج.
{وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} في هدايته وجهان:
أحدهما: بالتوفيق والمعونة.
الثاني: بإظهار الأدلة وإقامة البراهين.
وفي الصراط المستقيم أربعة تأويلات:
أحدها: أنه كتاب الله تعالى، روى علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى».
الثاني: أنه الإسلام، رواه النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده أبو بكر وعمر، قاله الحسن وأبو العالية. الرابع: أنه الحق، قاله مجاهد وقتادة.
روى جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله يوماً فقال: «رَأيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِندَ رَأْسِي وَمِيكآئِيلَ عِندَ رِجْلَيّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبهِ: أضْرِبْ لَهُ مَثَلاً، فَقَالَ: اسْمَعْ سَمْعَتْ أُذُنُكَ، وَاعْقِلْ، عَقَلَ قَلْبُكَ، إِنَّمَا مَثَلُكَ وَمَثَلُ أُمَّتِكَ كَمَثَلِ مَلِكٍ أتَّخَذَ دَاراً ثُمَّ بَنَى فِيهَا بَيتاً ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا مَائِدَةً ثُمَّ بَعَثَ رَسُولاً يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ فَمِنهُم مَّنْ أَجَابَ الرَّسُولَ وَمِنهُم مَّن تَرَكَهُ، فَاللَّهُ الْمَلِكُ، وَالدَّارُ الإسْلاَمُ، وَالْبَيْتُ الْجَنَّةُ، وََأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ الرَّسُولُ فَمَنْ أَجَابَكَ دَخَلَ فِي الإِسْلاَمِ، وَمَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلاَمِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَن دَخَلَ الْجَنَّةَ أَكَلَ مِمَّا فيهَا» ثم تلا قتادة ومجاهد. {وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}.


قوله عز وجل: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} يعني عبادة ربهم.
{الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أن الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى. وهذا قول أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري.
والثاني: أن الحسنى واحدة من الحسنات، والزيادة مضاعفتها إلى عشر أمثالها، قاله ابن عباس.
الثالث: أن الحسنى حسنة مثل حسنة. والزيادة مغفرة ورضوان، قاله مجاهد.
والرابع: أن الحسنى الجزاء في الآخرة والزيادة ما أعطوا في الدنيا، قاله ابن زيد.
والخامس: أن الحسنى الثواب، والزيادة الدوام، قاله ابن بحر.
ويحتمل سادساً: أن الحسنى ما يتمنونه، والزيادة ما يشتهونه.
{وَلاَ يَْرهَقُ وَجُوهَهُمْ قَتَرٌ} في معنى يرهق وجهان:
أحدهما: يعلو.
الثاني: يلحق، ومنه قيل غلام مراهق إذا لحق بالرجال.
وفي قوله تعالى: {قَتَرٌ} أربعة أوجه: أحدها: أنه سواد الوجوه، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه الحزن، قاله مجاهد.
الثالث: أنه الدخان ومنه قتار اللحم وقتار العود وهو دخانه، قاله ابن بحر.
الرابع: أنه الغبار في محشرهم إلى الله تعالى، ومنه قول الشاعر:
متوجٌ برداء الملك يتبعه *** موجٌ ترى فوقه الرايات والقترا
{وَلاَ ذِلَّةٌ} فيها ها هنا وجهان:
أحدهما: الهوان.
الثاني: الخيبة.


قوله عز وجل: {هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ} فيه قراءتان:
إحداهما: بتاءين قرأ بها حمزة والكسائي، وفي تأويلها ثلاثة أوجه:
أحدها: تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا، قاله السدي، ومنه قول الشاعر:
إن المريب يتبع المريبا *** كما رأيت الذيب يتلو الذيبا
الثاني: تتلو كتاب حسناتها وكتاب سيئاتها، ومن التلاوة.
والثالث: تعاين كل نفس جزاء ما عملت.
والقراءة الثانية: وهي قراءة الباقين تتلو بالباء وفي تأويلها وجهان:
أحدهما: تسلم كل نفس.
الثاني: تختبر كل نفس، قاله مجاهد.
{وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِ} أي مالكهم، ووصف تعالى نفسه بالحق، لأن الحق منه، كما وصف نفسه بالعدل، لأن العدل منه.
فإن قيل فقد قال تعالى {وَأَنَّ الْكَافرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] فكيف صار ها هنا مولى لهم؟ قيل ليس بمولى في النصرة والمعونة، وهو مولى لهم في الملكية.
{وَضلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} أي بطل عنهم ما كانوا يكذبون.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8